أسباب الإسهال المتكرر

الإسهال المتكرر هو حالة طبية تتسم بتكرار خروج البراز السائل أو غير المتماسك بشكل متكرر على مدى فترة زمنية طويلة. هذه الحالة ليست مجرد مشكلة عابرة بل قد تشير إلى وجود اضطرابات صحية معقدة تؤثر على الجهاز الهضمي أو الجهاز المناعي أو حتى على أعضاء أخرى في الجسم. يمكن للإسهال المتكرر أن يسبب مضاعفات صحية خطيرة مثل الجفاف وفقدان العناصر الغذائية الحيوية، مما يستوجب فهماً دقيقاً لأسبابه الكامنة وأهمية التشخيص المبكر.

تعريف الإسهال المتكرر وأنواعه

الإسهال المتكرر هو خروج براز سائل أو رخو ثلاث مرات أو أكثر يومياً، ويستمر لفترات تتراوح بين أسابيع إلى أشهر. يمكن تقسيم الإسهال من حيث مدة الإصابة إلى:

• الإسهال الحاد: يستمر أقل من أسبوعين وغالباً ما يكون ناجماً عن عدوى.

• الإسهال المزمن: يستمر لأكثر من أربعة أسابيع، وقد يكون مؤشراً على أمراض مزمنة في الجهاز الهضمي.

• الإسهال المتكرر: هو تكرار نوبات الإسهال مع فترات من التحسن، وغالباً ما يشير إلى حالة صحية كامنة.

الأسباب المباشرة للإسهال المتكرر

1. الالتهابات المعوية

تعتبر العدوى المعوية من أكثر الأسباب شيوعاً للإسهال المتكرر، حيث تتسبب البكتيريا والفيروسات والطفيليات في تهيج جدار الأمعاء. من أشهر هذه الكائنات:

• البكتيريا: مثل السالمونيلا، الإشريكية القولونية، والكامبيلوباكتر.

• الفيروسات: مثل فيروس الروتا والنوروفيروس.

• الطفيليات: مثل الجيارديا والأميبيا.

تؤدي هذه الميكروبات إلى خلل في امتصاص الماء والأملاح مما يؤدي إلى الإسهال.

2. الأمراض المزمنة للقولون والأمعاء

التهاب القولون التقرحي ومرض كرون

يعد التهاب القولون التقرحي ومرض كرون من أمراض الأمعاء الالتهابية المزمنة التي تسبب التهابات مزمنة في جدار الأمعاء، مما يؤدي إلى تكرار الإسهال الدموي أو المخاطي، وأحياناً مصاحباً بآلام بطنية شديدة وفقدان الوزن.

متلازمة القولون العصبي (IBS)

تتسم متلازمة القولون العصبي باضطرابات في حركة الأمعاء، مما قد يسبب نوبات متكررة من الإسهال أو الإمساك أو الاثنين معاً. وتعد هذه الحالة شائعة وتؤثر بشكل كبير على جودة الحياة.

3. اضطرابات امتصاص الغذاء

عدم تحمل اللاكتوز

عدم تحمل اللاكتوز يحدث عندما يفتقر الجسم إلى إنزيم اللاكتاز الضروري لهضم سكر اللاكتوز في الحليب ومنتجاته، مما يؤدي إلى تراكم اللاكتوز في الأمعاء وحدوث إسهال مائي متكرر.

أمراض سوء الامتصاص الأخرى

مثل داء الزلاقي (حساسية الغلوتين) حيث تتسبب حساسية الجسم تجاه بروتين الغلوتين في تلف جدار الأمعاء الدقيقة، مما يؤدي إلى سوء امتصاص الدهون والفيتامينات والمغذيات، وبالتالي الإسهال المزمن.

4. الأدوية والعقاقير

تعتبر بعض الأدوية من مسببات الإسهال المتكرر، ومن بينها:

• المضادات الحيوية: التي تؤدي إلى خلل في التوازن البكتيري الطبيعي للأمعاء.

• ملينات الأمعاء: التي تستخدم لعلاج الإمساك.

• بعض أدوية الضغط والكوليسترول: التي قد تسبب آثاراً جانبية معوية.

5. اضطرابات الغدد الصماء

فرط نشاط الغدة الدرقية

يسبب زيادة إفراز هرمونات الغدة الدرقية تسريع حركة الأمعاء، مما يؤدي إلى الإسهال المتكرر.

أورام الأمعاء الإفرازية

مثل أورام الغدد الصماء التي تفرز هرمونات تسبب زيادة إفراز السوائل في الأمعاء، مما يسبب إسهالاً مزمناً.

6. التسمم الغذائي والتعرض للسموم

تناول أطعمة ملوثة أو تعرض الجسم للسموم الكيميائية قد يؤدي إلى تهيج الأمعاء وإحداث نوبات إسهال متكررة.

العوامل المؤثرة والمساعدة في حدوث الإسهال المتكرر

• نمط الحياة الغذائي: تناول كميات كبيرة من الأطعمة الدهنية أو الحارة أو المحتوية على مواد تحلية صناعية يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بالإسهال.

• التوتر والضغط النفسي: يؤثران على الجهاز العصبي المعوي ويسببان اضطرابات في حركة الأمعاء.

• عدم النظافة الشخصية: تزيد من فرص انتقال العدوى المعوية.

الآليات المرضية التي تؤدي إلى الإسهال المتكرر

الإسهال يحدث نتيجة اختلال في توازن الامتصاص والإفراز في الأمعاء، ويشمل عدة آليات مرضية رئيسية:

• زيادة إفراز السوائل والأملاح: كما في حالات التهابات الأمعاء أو بعض الأورام.

• ضعف الامتصاص: نتيجة تلف خلايا جدار الأمعاء أو نقص الإنزيمات الهاضمة.

• زيادة حركة الأمعاء: التي تقلل من زمن بقاء الطعام في الأمعاء وامتصاص السوائل.

• التهاب جدار الأمعاء: الذي يؤدي إلى فقدان البروتينات والدم والسوائل مع البراز.

التشخيص التفريقي للإسهال المتكرر

يتطلب تشخيص سبب الإسهال المتكرر دراسة شاملة تشمل:

• التاريخ الطبي المفصل: لتحديد نمط الإسهال، وجود دم أو مخاط في البراز، والعوامل المحفزة.

• الفحص السريري: لتقييم علامات الجفاف أو التهاب البطن.

• الفحوص المخبرية: تحليل البراز للكشف عن وجود الميكروبات أو الدم المخفي.

• الاختبارات التصويرية: مثل تنظير القولون والأشعة لتقييم حالة الأمعاء.

• اختبارات الامتصاص: لفحص وظائف الأمعاء الدقيقة.

العلاج والوقاية

يختلف علاج الإسهال المتكرر حسب السبب الأساسي، ويشمل:

• معالجة السبب الأساسي: مثل استخدام المضادات الحيوية للعدوى، الأدوية المضادة للالتهاب لأمراض الأمعاء، أو تعديل النظام الغذائي لحالات سوء الامتصاص.

• تعويض السوائل والأملاح: لمنع الجفاف.

• مضادات الإسهال: تستخدم بحذر وتحت إشراف طبي.

• تغيير نمط الحياة: تحسين النظافة الشخصية، تقليل التوتر، وتجنب المهيجات الغذائية.

جدول يوضح بعض أسباب الإسهال المتكرر مع الأعراض المميزة والعلاج المقترح

الخلاصة

الإسهال المتكرر حالة معقدة تستدعي فهماً دقيقاً لأسبابها المتعددة والمتنوعة التي تتراوح بين العدوى الحادة، الأمراض المزمنة، اضطرابات الامتصاص، التأثيرات الدوائية، واضطرابات الغدد الصماء. التشخيص المبكر والمناسب يساهم بشكل كبير في تقليل المضاعفات وتحسين جودة حياة المرضى. علاوة على ذلك، فإن اتباع نمط حياة صحي ومتوازن، والحفاظ على النظافة الشخصية، والاهتمام بالمراقبة الطبية المنتظمة، يمثل عوامل حيوية في الوقاية والتعامل مع الإسهال المتكرر.

المراجع

1. Feldman M, Friedman LS, Brandt LJ. Sleisenger and Fordtran’s Gastrointestinal and Liver Disease. 11th Edition. Elsevier; 2020.

2. Harrison’s Principles of Internal Medicine, 20th Edition. McGraw-Hill; 2018.